كورونا لعنة أم فرصة؟

كتب زياد عبد الصمد
لم يشهد العالم مثل هذه الحالة من الهلع لا سيما في ظلّ الحروب العالمية حيث ظلّت مناطق شاسعة تشعر بالأمان النسبي، ولكن مع وباء كورونا نعيش حالة حربٍ كونية لا تستثني أحدًا أو منطقة على هذه الأرض. حيث أغلقت الدول حدودها، وأُقفِلت المطارات، وتوقّفت سكك الحديد، حتى النقل البحري شهد إنخفاضًا ملحوظًا في حركته. كما عُزلت المناطق داخل الدولة الواحدة وتمّ حجر المواطنين طوعًا في ظاهرة غير مسبوقة. وأصبح التعليم عن بُعد هو السبيل لإنجاز العام الدراسي مع كل ما يتطلبه من بُنى تحتية للتواصل عبر الانترنت والبرامج الملائمة.
أما في مجال الخدمات الصحّية، فقد برز خللٌ كبيرٌ في المنظومة الصحّية غير العادلة في بعض الدول رغم التطور الإقتصادي فيها، إذ برزت عدم القدرة على الإحاطة السريعة بالاحتياجات الطارئة المستجدّة لإسعاف مئات آلاف من المصابين أو حاملي أعراض الإصابة، خاصةً وأن عدد أسرّة العناية الفائقة والتجهيزات الطبية الأساسية لا يتعدى الاحتياجات العادية قبل إنتشار الوباء.
“في وسط هذه الحالة من الهلع والعجز أمام عدو جديد غير مرئي أغلقت الدول أبوابها وانصرفت لمعالجة أزماتها دون اللجوء إلى تعاون عابر للحدود كما جرت العادة في حالات طوارئ ذات تداعيات كارثية.”
لقد كشفت هذه التحديات، التي برزت نتيجة الأزمة الوبائية الراهنة، عن مخاطر التوجهات التي روّجَت للاستثمارات الخارجية لتحقيق معدلات النمو من دون معايير مُلزمة لحقوق الانسان ولحماية البيئة مقابل تفكيك أنظمة الحماية الاجتماعية الشاملة القائمة، أو الحؤول دون قيامها، والاستعاضة عنها بـ”شبكات الأمان الإجتماعي” المبنية على تدخلّات إنتقائية لحماية الفئات الأكثر عوزًا. وتُضيء “شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية” على هذا الجانب في تقرير إقليمي صدر عام 2014 وخُصّص للتعمّق في واقع أنظمة الحماية الإجتماعية في الدول العربية مؤكدًا على المخاطر الناجمة عن تحوّل القطاع الخاص إلى القاطرة التي تقود الاقتصاد دون أي مسؤولية اجتماعية.