هل تنبّأ مارتن ريس بأنّ “2020 سيكون عام الخطأ البيولوجي الّذي يقتل مليون إنسان”؟

تضجّ وسائل التواصل الاجتماعي بـ”تنبؤ” لـ”مارتن ريس قبل 17 سنة”، ومفاده أن “2020 عام الخطأ البيولوجي الذي سيقتل مليون إنسان”. مقالة صحافية انتشرت على نطاق واسع. واسم مارتن ريس Martin Rees، العالم البريطاني الشهير في الكونيات والفيزياء الفلكية، على كل شفة ولسان. 

لكن البحث في كتابه، بنسخته الانكليزية، وترجمتها الى العربية، يظهر ان ابرز الكلام المقتبس عنه يفتقد الى الدقة، وأن آخر لم يقله بحرفيته. غير ان هذا لا يعني ان ريس لم “يتوقع” او لم “يتنبأ” حدثاً سيئاً ما سيحصل عام 2020. FactCheck# 

 

“طب24” رصد هذا التدقيق من أجلكم 

منذ ساعات، انشغل مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي بمقالة صحافية بعنوان: “مارتن ريس قبل 17 سنة: 2020 عام الخطأ البيولوجي الذي سيقتل مليون إنسان”، بحيث تكثف تناقلها او تناقل عنوانها على نطاق واسع في تويتر (مثل هنا، هنا، هنا، هنا…) ، وفيسبوك (هنا، هنا، هنا، هنا…)، ويوتيوب (هنا، هنا، هنا…).

فهد عامر الأحمدي

@fahadalahmdi

مارتن ريس عالم بريطاني أصدر عام ٢٠٠٣ كتابا بعنوان (ساعتنا الأخيرة) تحدث فيه عن خطورة الفيروسات المتحولة وامكانية تخليقها مستقبلا بسهولة كسلاح بيولوجي.
المدهش أنه تنبأ بأن عام ٢٠٢٠ سيكون هو العام الحاسم لظهور “خطأ بيولوجي” سيقضي على مليون انسان..

View image on TwitterView image on TwitterView image on Twitter
89 people are talking about this

التدقيق: 

-المقالة المتناقلة نشرتها صحيفة “الراي” الكويتية في 31 آذار 2020، ونشرها ايضا موقعها الالكتروني (هنا). وهي تحمل توقيع الكاتب أحمد العبدالله. العنوان: “مارتن ريس قبل 17 سنة: 2020 عام الخطأ البيولوجي الذي سيقتل مليون إنسان”. ووردت فيها اقوال مزعومة لريس، لا سيما مقتبسات له أوردها الباحث في القضايا الكونية هشام طالب في كتابه “بناء الكون ومصير الإنسان” الصادر عام 2012.

-هذه المقتبسات هي التي يتناقلها المستخدمون في حساباتهم. ويمكن ايجادها في الصفحة الأولى من الفصل الثاني في كتاب طالب، بعنوان: “ارهاب المعرفة القاتلة- الارهاب البيولوجي يقتل مليون انسان عام 2020” (ادناه لقطة شاشة للصفحة، والمقتبسات اشير اليها باللونين الاحمر والاخضر).

ولكن هل قال ريس هذه الأقوال، كما أوردها طالب في كتابه؟ 

بمراجعة كتاب ريس بطبعته الانكليزية، وترجمتها الى العربية، يظهر ان بعض ابرز هذه المقتبسات افتقد الى الدقة، بينما لم نجد آخر.

*الاقتباس الاول: “2020 عام الخطأ البيولوجي الذي سيقتل مليون إنسان”؟

*في كتابه “ساعتنا الاخيرة: انذار من عالم” (Our Final Hour A Scientist’s Warning) الصادر عام 2003، لم يكتب ريس: 2020 عام الخطأ البيولوجي الذي سيقتل مليون إنسان”، بل: “وضعت الف دولار على الرهان التالي: انه بحلول سنة 2020، سيقع حدث من خطأ بيولوجي او ارهابي بيولوجي يؤدي الى قتل مليون فرد” (بداية الصفحة الثانية من فصل “كبح مسار العلم”). وأكمل: “وأنا بالطبع آمل متحمسا ان اخسر هذا الرهان. لكنني بأمانة لا اتوقع ذلك”.

الاقتباس الثاني: “التوقعات بحدوث كارثة تدمر العالم ارتفعت من 20 في المئة قبل 100 عام إلى 50 في المئة”؟

بحثنا في النسخة الانكليزية الكاملة لكتاب ريس، باستخدام كلمات مفاتيح مثل (Twenty (20، (في المئة) Percent، (عام او اعوام) Year/s، وايضا (Fifty (50… لكننا لم نجد مقولة مماثلة، بحرفيتها، كتلك التي وردت في كتاب طالب.

في الحديث مثلا عن نسبة الخمسين في المئة لوقوع كارثة، قال ريس الآتي:

(في المقدمة)

(في فصل: ساعة يوم الحساب)

وهذا غيض من فيض

الاقتباس الثالث: “العلم يتقدم بدرجة لا يمكن التنبؤ بها، وفي نطاق أخطر من أي وقت مضى”؟

ما امكن ايجاده في كتاب ريس، ويقترب جدا من هذا الاقتباس، هو الآتي (في المقدمة):  

مجددا، هذا غيض من فيض. 

“انذار من عالِم”

في واقع الامر، كتاب السير مارتن ريس استشراف جريء وصريح لمستقبل البشرية والارض في ضوء تقدم العلم والتكنولوجيا، على اختلاف انواعها. وقد ناقش فيه مختلف السيناريوات الكارثية التي قد تنتج من هذا التقدم.

توقعات او “تنبؤات” محذرة، متوجسة الشر، نظرا الى ان “هذا العلم الجديد قد تكون له نتائج غير مقصودة. انه يمنح الافراد القدرة على ارتكاب افعال فيها ارهاب هائل”، على ما يكتب في مقدمة كتابه. ويعالج “التسلح والتكنولوجيات الجديدة والازمات البيئية ومدى الابتكار العلمي وحدوده، وتوقعات الحياة خارج الارض…”، على قوله.

اخطار عديدة يعدّدها في كتابه هذا، ومنها “ابادة السكان بفيروسات مهندسة مميتة يحملها الهواء، وتغيير الخصائص البشرية بتكنيكات جديدة أكثر تأثيرا. وقد نجد انفسنا ذات يوم مهددين بماكينات نانوية شريرة تتكاثر تكاثرا كارثيا او مهددين بكمبيوترات قائقة الذكاء…”. ومن توقعاته في هذا الاطار، “ان تقدم التكنولوجيا المتقدمة اجهزة جديدة لخلق الارهاب والدمار، وان تؤدي وسائل الاتصال الفورية الشاملة الى تعظيم تأثيرها المجتمعي…”.

ريس وعام 2020

الكونيات مجال اهتمامه الخاص… نعم، ريس (مواليد عام 1942) “تنبأ” او توقّع انه “بحلول سنة 2020، سيقع حدث من خطأ بيولوجي او ارهابي بيولوجي يؤدي الى قتل مليون فرد”. وقد أعلن رهانه على ذلك قبل نحو 17 عاما، و”لم يتوقع ان يخسر”، على ما يكتب. لا بل لا يزال مراهنا على ذلك.

في 2 آب 2010، سأله رئيس مؤسسة لونغ ناو (Long Now) ستيوارت براند عن هذا التنبؤ تحديدا بخصوص عام 2020 (الفيديو ادناه، FORA TV– النشر في 14 ايلول 2010)، فجدد القول: “من الواضح أنني آمل بشدة أن أكون مخطئًا”، “لكن قلقي هو ان التكنولوجيا الحيوية تتطور بسرعة كبيرة، وهناك مخاطر أكبر لحصول خطأ او ارهاب”.

عام 2017، جدّد ريس رهانه على تنبؤه المتعلق بعام 2020، بـ400 دولار هذه المرة (هنا، لقطة الشاشة ادناه). وما راهن عليه حرفيا، في مواجهة منافسه البروفسور في هارفرد ستيفن بينكر، هو ان “خطأ بيولوجيا او ارهابيا بيولوجيا سيودي بحياة مليون شخص، في حدث واحد، في غضون ستة أشهر تبدأ في موعد أقصاه 31 كانون الاول 2020”. 

نظرياته يتكلم عليها صراحة، وعلنا. ويمكن مشاهدته متكلما عن كتابه “ساعتنا الاخيرة”، في احدى محاضرات TED في آذار 2014: “السير مارتن ريس: هل يمكننا منع نهاية العالم؟”، على ما عنون حساب TED Arabic في يويتوب تسجيلا مصورا لمداخلة ريس يومذاك. وقد دعا الى “التفكير في المخاطر الوجودية- الطبيعية أو من صنع الإنسان- والتهديدات التي من الممكن أن تمحو الإنسانية عن الوجود” (تاريخ النشر: 2 ت2 2016).

 

ولكن السؤال: هل تفشي وباء كورونا المستجدّ في العالم هو “الخطأ البيولوجي او الارهابي البيولوجي” الذي توقّع ريس بأنه “سيودي بحياة مليون شخص بحلول عام 2020″؟ 

لنتناقش. اذا اعتبرنا ان وباء كورونا هو الحدث المتوقع عام 2020، وفقا لرهان ريس، وبالتالي هو “الخطأ البيولوجي او الارهابي البيولوجي” الذي تكلم عليه في كتابه، فهذا يلمح اذا الى ان فيروس كورونا صُنع في مختبر او في مختبرات ما، او ان يدا شريرة اطلقته بين الناس.

غير ان الابحاث العلمية التي اجريت حتى الساعة على فيروس كورونا المستجدّ تؤكد انه ليس صنع مختبرات. وقد جاء في دراسة نشرتها مجلّة Nature العلمية المرموقة، التي تأسست عام 1869 “فيروس كورونا المستجدّ هو الجيل السابع من فيروسات كورونا التي تصيب الإنسان”، وأبرز الأجيال السابقة فيروس “سارس” المسبّب للمتلازمة التنفسيّة الحادّة، والذي ظهر عام 2003، وفيروس “ميرس” المسبّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسيّة، والذي ظهر عام 2012.

وشارك في هذه الدراسة عدد من البحاثة في الأمراض الجرثومية والأوبئة والمناعة في جامعات أميركية وبريطانية وأوسترالية، ونشرت في السابع عشر من آذار 2020. وخلص هؤلاء البحاثة إلى القول: “تُثبت أبحاثنا أن فيروس كورونا المستجدّ ليس مصمّماً في مختبرات أو فيروساً معدّلاً”.

وفي بيان نشر في التاسع عشر من شباط الماضي في مجلة The Lancet الطبيّة العريقة التي تأسست عام 1823، حذّرت مجموعة من علماء الصحة العامة من انتشار هذه المعلومات المغلوطة. وجاء في البيان: “ندين بشدّة نظريات المؤامرة التي تتحدّث عن أن فيروس كورونا المستجدّ ليس طبيعيّ المنشأ” (خدمة تقصي صحة الاخبار بالعربية، وكالة فرانس برس، وهنا ايضا). بحسب تحقيق صحيفة النهار اللبنانية.

الوباء يواصل انتشاره

بحسب أرقام وضعتها وكالة فرانس برس استنادا إلى مصادر رسمية حتى الساعة 19,00 بتوقيت غرينتش (3 نيسان 2020)، أسفر وباء كورونا عن وفاة أكثر من 53 ألف شخص في العالم، وبلغ عدد المصابين به مليون و82 ألفا و470 شخصا، توفي منهم 57 ألفا و474، في 188 بلدا ومنطقة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى